السبت 28 ديسمبر 2024
|
---|
يوميات أنسان ذوق
أستيقظت كعادتي متأخرا عن اللحاق بأتوبيس الشركة ومع ذلك فعندما قابلت جاري الأستاذ حسن وقفت اسلم عليه و أحتضنه و أساله عن أولاده و أحفاده و أولاد أخيه و أولاد أخته و صحة زوجته و أمه و السيدة الفاضلة حماته و .. يبدو أن الأستاذ حسن يعلم أني متأخرا هو لا يحب أن يضيع وقتي فتركني و هو يدعو لي بالشفاء لابد و أنه سمع صوت كحتي في الليلة السابقة و علم أنني مريض بالبرد.. رجل شديد الذوق .
أشرت إلي تاكسي فوقف غير بعيد وجريت باقصي سرعة حتي لا أضيع وقت السائق و عندما وصلت له سألته عن حاله و صحته و صحه أولاده و زوجته و تمنيت له عيدا سعيدا حيث أن العيد علي الأبواب بعد تسعة شهور من الآن و لا أدي لماذا ضرب السائق "طلعة أمريكاني " و هو يلعن مهنته و حظه و عيشته التي تجعله يقابل أمثالي لابد وأنه غير سعيد بمقابلتي علي الطريق و كان يحب أن يقابلني في القهوة ليلا بعد أنتهاء عمله حتي نتمكن من تجاذب أطراف الحديث و نتسلي بلعب الطاولة و شرب الشاي بالنعناع ..رجل شديد الذوق
كيف فات عن ذهني ..لا يجب أن أذهب للعمل اليوم فقد أعطاني مديري الأستاذ عبد العزيز أجازة استجمام لم يحدد مددتها بعد ما قابلته أخر مرة و سألته عن حاله و صحته و صحة أولاده و زوجته و أولاد أخيه و أولاد أخته و السيدة الفاضلة حماته و ترحمت مع و بكيت علي ذكرى والدته التي حضرت جنازتها منذ سبع سنين و سالته عن أن كان يريد مني أي خدمة تتعلق بوالده والذي عرفت أنه يعمل ترزي حريمي فكنت أعرض عليه أن أساعده لو أراد في لضم الأبرة و قص القماش فهو و لابد رجل عجوز لا يستطيع القيام بذلك او أن اقوم بكي ملابس أولاده أو حكاية حدوتة قبل النوم لطفلته الصغيرة التي دخلت الجامعة العام الماضي لا أدري لم قام السيد عبد العزيز خالعا جاكتته و كرافتته و قميصه وقال بأعلي صوت سمعته "حرام عليك يا بني أدم ..أرحمني .. و ارحم المكتب كله .. أطلع بره و ما تورينيش وشك في المكتب نهائيا " لابد و أنه عرف قيامي بمجهود شديد في مواساة الزميلة سوسن بعد فك خطوبتها و تشجيع ابن الاستاذ حسن لتدريب ابنه علي قضاء حاجته في البوتي وليس البامبرز و تذكير الحاجة إحسان بضرورة تغييرها لطقم الاسنان الذي تستخدمه لتغيير لونه ..لابد و أنه يريدني مستجما مرتاحا بعيدا عن التوتر و القلق .. رجل شديد الذوق
قررت زيارة خطيبتي نجوي .. أكثر ما جذبني فيها هو أدبها المفرط لدرجة أنني لم اسمع صوتها منذ أن خطبتها من 4 شهور كلما سألتها عن صحتها وصحة ابوها و أمها و أخوتها و جيرانها و كلب صديقتها ترد بإيماءة بسيطة من رأسها و أبتسامة يملؤها الخجل عندما نخرج تظل متأملة لماء النيل و تسمعني و أنا اسأل الجرسون عن حاله و حال اولاده و زوجته و أخوته و هو يرجوني أن أخبره عما سنشرب .. كم هو لطيف و شديد الذوق ويهتم بريقي الجاف أكثر من صحته و صحة اولاده و زوجته و أخوته ..عيون خطيبتي السوداء مع ماء النيل الزرقاء و مفرش الكازينو الأخضر تناغم لوني جميل وهي تنظر إلي دون حرف أو كلمة و كلما حدثتها وسألتها عن صحتها و صحة أبيها و أمها و أخوتها يحمر وجهها خجلا و تتأفف تأدبا .. خطيبتي شديدة الذوق ..
ملحوظة أخيرة أكتشفت أن سبب صمت خطيبتي أنها خرساء.
- قرأت 2362 مرة