هل يمكن أن نتحكم يوما في طريقة تفكيرنا؟

-A A +A

بدأنا في الوقت الحالي في تفكيك شفرة الدماغ، وهو ما يتيح لنا الفرصة لإيجاد إجابات عن أسئلة غريبة الطابع من قبيل "ما هي سرعة ورود الخاطرة أو عملية التفكير؟"

عندما طُلب من الباحث في مجال علوم الإدراك، ستيفن بينكر، على سبيل المزاح، أن يشرح في بضع كلمات كيفية عمل الدماغ، أجاب قائلا: "تطلق خلايا الدماغ إشارات كهربائية في شكل أنماط." كان ذلك جهدا طيبا منه، لكنه في واقع الأمر قد استبدل لغزا بآخر.

على أي حال، من المعروف منذ أمد طويل أن خلايا الدماغ تتواصل عبر إطلاق إشارات كهربائية لبعضها البعض.

وفي الوقت الحاضر، صار لدينا تقنيات لا حصر لها من شأنها تسجيل أنماط النشاط الكهربائي لهذه الخلايا؛ بدءا من الأقطاب الكهربائية التي تُثبت على الرأس، إلى أجهزة المسح التي تعمل باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي، والتي يمكن من خلالها رصد حدوث أي تغيرات في مستوى الأوكسجين في الدم.

ولكن حتى مع امتلاك القدرة على جمع البيانات حول نشاط هذه الخلايا، لا تزال أنماط ذلك النشاط تشكل لغزا مستمرا. إذ تبدو وكأنها ترقص على إيقاع نعجز عن سماعه، وتتحرك بفعل قوانين لا ندري عنها شيئا.

من جهتهم، يتحدث علماء الأعصاب عما يصفونه بـ"الشفرة العصبية"، وقد حققوا قدرا من التقدم في فك هذه الشفرة. فقد بات بوسعهم التعرف على بعض القواعد الأساسية في هذا الشأن؛ من قبيل التوقيت الذي يُرجح أن تومض فيه الخلايا الموجودة في مناطق بعينها من الدماغ، وتطلق إشاراتها الكهربائية الخاصة تبعا للمهمة المنوط بتلك الخلايا تنفيذها.

وعلى الرغم من أن وتيرة التقدم في هذا المضمار تتسم بالبطء؛ شهد العقد الماضي سعي فرق بحثية في أنحاء مختلفة من العالم لإنجاز مشروع أكثر طموحا إلى حد بعيد.

وتدرك هذه الفرق البحثية أنه ربما لا نتمكن من أن نضع قط كتابا يضم تفسيرا لكافة الرموز التي تتألف منها هذه الشفرة، ولكن من شأن السعي نحو وضع كل منّا مفرداته ومدخلاته في هذا المضمار أن نتمكن من البدء في التحقق من السبل التي يمكن من خلالها لأنماط النشاط الكهربائي المختلفة أن تتوافق مع أفعال وأنشطة معينة.
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2014/12/141230_vert_fut_how_d...