الجمعة 15 نوفمبر 2024
|
---|
أسس الحضارة اﻹنسانية – ماذا حدث للذوق (1)
ماذا حدث للذوق ؟
قديما سكن مصر رجل اسمه حسن أشتهر بذوقه و حسن حديثه وكرهه للمشاكل التي يثيرها الفتوات و الحرافيش ولما فاض به الكيل قرر ترك مصر و لكنه مات قبل خروجه من باب الفتوح و دفن هناك و اصبح له مقام و اصبح مثل " الذوق ما خرجش من مصر " مقوله تذكر في فض النزاعات و قتل الخلاف ..
ربما يشاركني البعض في ما أجده من صعوبه شديده تصل بي احيانا لدرجه الأكتئاب في محاولتي تعليم ابني الذوق العام و محاوله كل من حوله في أفساد ما أنقله له و تشويهه تشويها متعمدا .. كلمات الرد من فصيلة حاضر ..شكرا ..بعد اذنك ..لو سمحت ..عفوا .. من فضلك .. حضرتك.. تفضل .. تحولت لكلمات من فصيلة أخري فجة وقحة فصيلة .. هات .. هو كده .. من أمتي ده .. خد .. أوعي .. انت مش شايف يعني .. عايز ايه.. إلي أخر هذه المفردات هذا القاموس السخيف المستفز ..
كم مره سالك أحدهم علي عنوان أو مكان و بعدما وصفت له تركك دون كلمه شكر لا تكلف شيئا أنه الذوق المفقود ..كم مره شكرت أحدهم علي عمل قام به لك و لم يرد لك شكرك بالعفو أنه الذوق المفقود ..
كم مره أعطيت غيرك دورا لك في مكان انتظار ..في عيادة ..في بنك .. في محل طعام و نظر لك نظره تعالي بدلا من شكرك ..
كم مره صدمت بما يسمعه سائق مجاور من ما لا يمكن أطلاق وصف غناء عليه ومما اسميه انا مخلفات سمعية و كم كانت صدمتي عندما أذاعها احد مدرسي المدرسة التي ادخر مصاريفها طول السنه علي تليفونه المحمول للأولاد خلال رحله .." عادي .. أصلها رحلة يا دادي و عايزين نروش" ..
كم مرة علمت ابنك "أن المسامح كريم " دون تفريط في حقه وتجد من يعنف إبنه علي مقربة منك "ما ضربتوش ليه زي ما ضربك اصلك جبان" .. سمعت بنفسي طفلة في حديقة الألعاب تقول لأخري " أنزلي من علي المرجيحة علشان أركب أنا ..أنا بابايا مستشار" !!!! و علامات التعجب لأخر الصفحة لا تكفيني في معرفة ما قد علمه سعادة المستشار لأبنته الطفلة..وما سيبدر منها في المستقبل كزوجة و أم ..
كم مرة أجابك موظف خدمة العملاء في شركة ما سواء وجها لوجه أو علي الهاتف و نقلت لك كلمات حديثه لك أحساس أنك تطلب منه "حسنة لوجه الله" أو الأسوء من ذلك شعوره هو شخصيا أنك " ابن خالته لزم و واخد عليك من صغركم " فرفع كل الحواجز و انطلق في هرجه و مرجه معك ..
كم مره دخلت مكان يتعامل فيه موظفين مع جمهور و بعد ما يخرج أحد الزبائن منهيا معاملته تجد الموظف في حوار معك او مع غيرك من الزبائن أو زملائه يقولون في من خرج لتوه ما قاله حلمي بكر في أحد المطربين ناسيا أنه بمجرد خروجك سينقلب السحر علي الساحر و لكنك لن تكون حلمي بكر هذه المره ..
كم مرة سمعت كلمات بذيئة من احدهم في حضور أطفال و سيدات .. حكت لي مديرة مدرسة عن طفلة في kg2 تشير بحركة معيبة بيديها وبعد بحث قالت لهم الطفلة "مامي بتعملها" !!!
ولم تعد علامات التعجب تكفيني يا سادة ..... يا سادة يا كرام .. انا لا ابالغ ..لا وجود للتعامل بين الأفراد و الأسر أساس المجتمع دون ذوق في كلمات نتبادلها و مشاعر نحس بها .. التدهور الأخلاقي سيقود بالضرورة لتدهور عام .. و نحن هنا نتكلم فقط عن ذوق الكلمات و لنا وقفات أخري مع الذوق العام في المأكل و الملبس و التربية و العمل ...
القصة ليست رفاهية أدب .. الموضوع جد خطير.. الذوق روح وكيان و أساس من اسس الحضارة الأنسانية .
- قرأت 4364 مرة