الأربعاء 25 ديسمبر 2024
|
---|
صناعة الصحافة
الصحافة صناعة من المفترض أن مضمونها متجدد لا يتكرر وإذا تكرر لابد ان يتم تناول الموضوع الصحفي بطريقة وزاوية مختلفة عن سابقتها وإلا ترتب على ذلك رتابة وملل وتحولت مهنة الصحافة من قوة مؤثرة إلى وظيفة كما هو الحال في مصر.
ولأن كل شئ في مصر يسير بالمقلوب فتحولت صناعة الصحافة إلى صناعة الصحفي .. نعم يتم تصنيع الصحفي الآن في مصر فقد أصبحنا ولله الحمد ننفرد بصناعة عمن سوانا ألا وهي صناعة الصحفي .. فإذا اراد رجل أعمال كان أو سياسي مشهور أو إعلامي محنك أن يصنع من أى شخص صحفي ما عليه إلا أن يُملي عليه الخطوات التي يجب أن يتبعها من أجل ذلك .. فينصحه بـ مواكبة الأحدث "لا اعترض على مواكبة الأحداث ولكن أعترض على ما يعنيه من مواكبة الأحداث" فهو يقصد "أمشي مع الموجة" لكن تم تغليفها بمصطلح صحفي وهو "مواكبة الأحداث".
تعالوا معاً نعرف خط سير الصحافة في مصر
تبدأ السنة وتحمل بين طياتها ذكرى أحداث وأعياد ومناسبات فيأتي موسم الشتاء حيث الأمطار الغزيرة وتظهر الشوارع المملوءة بالمياة والطين ويظهر معهم "الصحفيين" الذين يهرولون لمناطق معروفة للوسط الصحفي بأنها مملوءة بالعشش ويظهرون مدى المأساة التي يعيشها ساكني هذه العشش ونجد أغلب الصحف تنشر نفس الموضوع حتى إذا وجدوا صحيفة أخرى سبقتهم ونشرت نفس الموضوع لن يمانعوا من نشرها مرة ثانية على صفحات جريدتهم وكأن قراءة الحدث على صفحاتهم سيضيف بعدا جديدا للقارئ فيتحول هذا الموسم لموسم كتابة هذه المادة الصحفية مثله مثل موسم سيدي العريان "عشان مطره بقى والراجل ممكن يستهوه".
تأتي الأعياد والمناسبات القومية ونجد الصحف تخصص ملفات للحديث عن هذه الأعياد والمناسبات مثل حرب 6 أكتوبر نجد "الصحفي" يُجري حوارات مع نفس الابطال ونفس المحللين السياسيين ونفس الخبراء الاستراتيجيين الذين تم الحديث معهم في نفس هذه المناسبة وبالتالي نفس تصريحاتهم الصحفية التي تحمل حتى نفس مانشيتاتهم الرنانه وهى "أسرار ومعلومات لم يتم الصفح عنها في حرب أكتوبر" وتجد هذه الأسرار سبق وتم نشرها فى السنوات الماضية بنفس السرد ونفس العناوين .. قد تشعر بالملل والرتابة من تكرار كلمة "نفس" في هذا المقال لكن بقدر شعورك بهذا فقد مللنا من تكرار "نفس" الموضوعات الصحفية في الصحافة المصرية.
يأتي عيد الفطر المبارك فينتشر الصحفيين في شوارع مصر المحروسة مسلحين بعدسات التدقيق والتكبير لرصد ظاهرة التحرش ونجد نفس الصور الصحفية التي تُظهر التحرش وكل ما هو منافي للآداب العامة والذوق العام لتُزين صفحات الصحف وكأنها تتباهى بهذا.
تحولت الصحافة من صناعة إلى شغل موسيمي مكرر يصنع صحفيين لا صحافة ويستغرب أصحاب الصحف والجرائد من تدني وتراجع السوق الصحفي بمصر ولا يدركون أن المنتج الذي يقدمونه لا صلة له بالصحافة .. ونجد من يحاول أن يقتحم المجال الصحفي بإصدار صحف جديدة ولهؤلاء نقول إذا لم يكن لديكم جديد تقدموه فلا تفعلوا لأن "المشرحة مش ناقصة قتلى".
- قرأت 8528 مرة