سرقة مشروعة

-A A +A

الله الله الله
دخل يوسف المسجد وسط تصاعد أصوات حلقات الذكر و صم اذنيه كعادته عند دخول مسجد الحسن وراء أو مع أحد ضحاياه القادمين من تراب الريف البكر .. تذكر ضاحكا في داخله اخر ضحاياه والذي كان يتصنع الذكاء بلا داعي فملامحه و مخارج ألفاظه تدل علي أن خطف قطعة من البسكويت من أمام طفل رضيع مهمة صعبة مقارنة باستخراج ما في داخل محفظته التي يظنها آمنة تحت جلبابه .
الله الله الله
يوسف الجن طالما ناداه رفقاء حلقة الكيف بهذا الأسم يسرق و ينصب منذ ان كان في السادسة من عمره وله في ابتداع الطرق و الافكار ما يضيف فصولا لكتب الحواة و علم الجريمة وصل به الحال لدرجة ان هناك من ضحاياه الذين يتواصل معه لانه لا يعلم مع مرور السنين أنه ضحية سرقة و نصب لمحترف عبقري يسميهم يوسف العقود فهم يضمنون وجود دخل ثابت شهري يعتمد عليه أوقات نقص الوارد الجديد.
الله الله الله
قرر يوسف خطته لضحية الليلة يبدو شديد السذاجة سيستخدم احدي الطرق البسيطة التقليدية احتكاك بسيط اثناء الدخول أو الخروج من المشهد الحسيني كفيل بنقل محفظته من مغارة علي بابا لجيب جينز يوسف الخلفي و ربما خاتمه الفضي الكبير اذا مدي يده له مسلما و داعيا للسلام علي ابي عبد الله الشهيد الرجل بسيط لدرجه جعلت يوسف لأول مرة في حياته يشغر بما يشبه الذنب لسرقته ولكن هيهات ان يمنعه ذلك عن سرقة أبيه و أمه أن طالهم .
الله الله الله
لماذا يتصاعد صوت الذاكرين هذه الليلة حتي يملأ أرجاء المكان و كأن ميكروفون قوي وضع في أذن يوسف و عابث بزر الصوت يرفعه كلما أقترب نحو الرجل و يخفضه عندما يبتعد الرجل الهايم بشوقه والماسح علي السور الفضي و المتمتم بتعاويذ و أدعية غير مسموعة غمر العرق جبهه يوسف و هو يقترب نظر الي يديه فوجدها زرقاء كمن هرب منها الدم بلع ريقه و اخد نفسه بصعوبة شديدة وسط تصاعد ضربات قلبه و كانه يفعل ما يفعله طوال عمره لأول مرة
الله الله الله
لامست يده حفيف جلباب الرجل متأهبا لضربته رغم ما يمر به متمنيا سرعة الخروج من المكان وفجأة يلتفت الرجل قابضا بأيد من حديد لا تناسب جثمانة الضعيف علي يدي يوسف الجن لم يضع يوسف ابدا في أعتباره أنه سيسقط يوما ما لن يسلمه أحدهم لعسكر حتي يوضع في غيايات السجون ولن ينال أبدا علقة حرامية كتلك التي نالها سيد البرص و شارك يوسف بنفسه فيها وشاية و ضربا حتي يغادر منطقته التي بسط فيها نفوذه لم ولن تأتي هذه اللحظة ابدا و لا يمكن أن تكون علي يد مثل هذا البسيط الساذج خرج الغيط نظر الرجل لعيون يوسف نظرة نارية اشعلت دم قلبه قبل لحم وجهه ثم أخرج محفظته من جيبه و اخرج كل ما فيها من مال و أعطاه ليوسف مع أبتسامة أطفاءت كل نيران الخوف و الشر داخل يوسف
الله الله الله
"دلوجتي أنت خدت اللي عايزه يا سي يوسف تعالي معايا علشان اديلك اللي أنا عايزه" استمرت القبضة الحديدة علي معصم يوسف و جره الرجل جرا اللي أقرب حلقة ذكر وأجلسه ثم تركه و جلس في حلقه أخري فكر يوسف أن يقوم و يهرب حتي يستمتع بقصة نجاح أخري هذه المرة الرجل بنفسه أعطاه المال ربما ظن أنه من المجاذيب أو الشحاذين مهما يكن فالكومة كبيره و فئات الأوراق عالية فكر أن يهرب جريا قبل أن يحدث مالم يفكر فيه طوال عمره.
الله الله الله
لم يتحرك يوسف لم يستطيع و لم يرغب مرت ايام وليالي وهو لم يغادر الحلقة إلا للصلاة و لم يغادر الرجل الحلقة المجاورة و هو ينظر ليوسف تصاعد الصوت حتي بات في اذني يوسف و لا غيره مستمر بلا نهاية موجود بلا بداية مسموع بقلبه و محسوس بروحه عمر أخر يعيشه و كأنه ولد الآن و لا يموت
الله الله الله