كيف تتكون إفرازات العين لدينا؟

-A A +A
كيف تتكون إفرازات العين لدينا؟

تمتلئ أعيننا بمادة لزجة أثناء النوم، فما هي؟ يحاول "جيسن غولدمان" في هذا التقرير كشف النقاب عن هذه المادة، إذ أن وظيفتها أهمّ بكثير مما نتصور.

أول شيء أقوم به عندما أستيقظ صباح كل يوم هو إلقاء نظرة على القائمة الطويلة من الرسائل التي تراكمت في هاتفي المحمول وأنا نائم دون أن أسمعها، والأمر الثاني الذي أقوم به هو أن أزيل المادة اللزجة التي تراكمت في زوايا عيني طوال الليل. أيا كان اسمها، مخاط العينين، رمل الخ، فإنك تعرف تماماً ما أعنيه. كنت دوما اتساءل عن مكوناتها وكيف تشكلت، ولذا سعيت لاستقصاء الأمر.

تبدأ المسألة كلها من الدموع –وبتعبير أدقّ، غشاء الدموع الذي يغطي العينين. عيون الثدييات التي تعيش على سطح الأرض، سواء كانت لوجوه البشر أو الكلاب أو القنافذ أو الفيلة مغطاة جميعها بغشاء للدموع من ثلاث طبقات تسمح للعين القيام بوظفيتها على أحسن ما يرام. (تختلف وظيفة الدموع في الثدييات البحرية مثل حوت الدولفين وأسد البحر.)

تسمى الطبقة الملاصقة للعين "الكنان السكّري"، والتي تتألف معظمها من مادة مخاطية. تغطي هذه الطبقة القرنية وتجذب إليها الماء، مما يتيح انتشاراً متساوياً للطبقة الثانية: وهي محلول الدمع الذي يتكون في الأساس من الماء. ربما لا يتجاوز سمكها أربعة ميكرومتر فقط، وهو يعادل تقريبا سمك خيط رفيع من حرير العنكبوت، إلا أن هذه الطبقة مهمة جداً، إذ أنها تحافظ على زيوت العين وتقي من الالتهابات المحتملة. وأخيراً، هناك طبقة خارجية تتألف من مادة دهنية تسمى "ميبيوم"، والتي تتكون من شحوم كالأحماض الدهنية والكوليسترول.

تطورت مادة "ميبيوم" هذه لتلائم تماما جسم الثدييات، وعند درجات الحرارة الطبيعية للجسم البشري، تصبح هذه المادة سائلا دهنيا شفافا. واذا انخفضت حرارة الجسم لدرجة واحدة فقط، فإنها تتحول إلى مادة صلبة شمعية بيضاء اللون، مادة العين اللزجة المألوفة لدينا.

تتشكل رقائق كبيرة من هذه المادة الصلبة خلال النوم لسببين. أولهما هو أن حرارة الجسم تنخفض قليلاً خلال الليل بشكل عام. ولذا، فإن بعضاً من مادة "ميبيوم" يبرد بما يكفي ليتحول من حالته السائلة إلى حالته الصلبة.
أما السبب الثاني، بحسب طبيب العيون الاسترالي "روبرت جي لينتن" وزملائه، هو أن "النوم يهدئ النشاط العضلي لقنوات غدة الجفن (المسؤولة عن إفراز مادة ’ميبيوم‘) بشكل يكفي لإفراز كميات أكثر من المعتاد تخرج الى الجفنين وجذور الرموش أثناء النوم." بعبارة أخرى، تُغطى عيوننا بكميات من مادة "ميبيوم" بصورة أكثر من الطبيعي أثناء الليل، وبالتالي، فعندما تبرد نحصل على كميات كبيرة من مادة العين اللزجة.

طبعاً، ليس مزعجاً أن نزيل هذه المادة اللزجة من أعيننا عندما نستيقظ. لكن، لماذا تتشكل مادة "ميبيوم" في أجسامنا في المقام الأول؟ حسناً! لسبب واحد، وهو أن هذه المادة تمنع الدموع من أن تنهمر باستمرار خارج العين لتسيل على الخدين. فالمهام اليومية الاعتيادية تصبح أصعب بكثير اذا انهمرت الدموع من العينين باستمرار، ويمكن للمصابين بما يعرف بالتهاب الأنف الأرجي أن يدركوا هذا الموقف.

ومن خلال الحفاظ على الدموع في أعيننا، تقوم مادة "ميبيوم" بوظيفة أخرى: إذ أنها تساعد على ترطيب العين. في واقع الأمر توصلت إحدى الدراسات إلى أنه عندما يمنع تكون هذه المادة في عيون الأرانب، تفقد عيونهم الماء عن طريق التبخّر بما يعادل 17 مرة ضعف المعدل الطبيعي.
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2015/05/150508_vert_fut_sleep...