الجمعة 15 نوفمبر 2024
|
---|
تجارب أشخاص فقدوا ذاكرتهم لأسباب غريبة
كيف ستكون حالك إذا فقدت ذاكرتك بعد التعرض لإصابة في الدماغ، أو تعاطي المخدرات، أو نتيجة ممارسة جنسية نشيطة؟ الكاتب الصحفي كريستيان جاريت يعرض لنا الأسباب الغريبة لفقدان الذاكرة وعواقبها.
في أحد الأيام عام 2008، استيقظت نايومي جيكوبز، البالغة آنذاك 32 عاماً، من نومها وهي لا تتذكر ما حصل خلال 17 سنة سابقة.
كأن ذكريات الإدمان على المخدرات، والإفلاس، والتشرد، التي عاشتها قد محيت من ذاكرتها. في الحقيقة، تقول جيكوبز إن كل ما تتذكره هو أنها ذهبت لتنام في سريرها ذي الطابقين– وكانت أختها تشاركها فيه- عندما كانت في سن المراهقة. كانت تفكر ساعتها في امتحانها القادم في درس اللغة الفرنسية.
استرجعت جيكوبز ذاكرتها بعد ثمانية أسابيع. لكن قبل أن يحدث ذلك، كان عليها أن تتعامل مع الحياة في القرن الحادي والعشرين وكأنها في الخامسة عشر من عمرها.
كان ذلك يعني أن تتعلم استعمال تقنيات "جديدة" مثل الهواتف الذكية. الأصعب من كل ذلك، هو أن تتفهم كيفية التعامل مع ابنها البالغ من العمر 10 سنوات. تحكي جيكوبز قصّتها التي لا تصدق في كتابها الذي سيصدر قريباً ويحمل عنوان "فتاة منسية".
انفصام عقلي
من الناحية الطبية، يعتبر فقدان الذاكرة عند جيكوبز واحداً من حالات ’فقدان الذاكرة النفسي/الفصامي‘. يعني ذلك عدم وجود تفسير فسيولوجي لعدم قدرتها على تذكّر أحداث جرت خلال 17 سنة خلت.
النسيان أمر نفسي، ويحتمل حدوثه بسبب توتر عصبي، أو صدمة نفسية حديثة أو قديمة. تماشياً مع هذا التحليل، تقول جيكوبز إنها لم تنسَ فقط خسارتها لشركتها، وإدمانها على المخدرات، أو حتى تعرضها للاغتصاب وهي في السادسة من عمرها، وأن خليلها حاول أن يخنقها عندما كانت في عمر 20 سنة.
إن تشخيص حالة "فقدان الذاكرة النفسي" مثيرٌ للجدل. بعض الأكاديميين، من أمثال الطبيب النفسي بجامعة هارفارد هاريسن بوب، يجادل حتى في مسألة وجود مثل هذه الحالة. ويشير هؤلاء إلى عدم وجود دلائل تاريخية على وجود مثل هذه الحالة قبل عام 1800.
ويقترح متشككون آخرون بأن حالات الاضطراب النفسي (بما فيها "اضطراب انفصام الشخصية"، المعروف سابقاً باسم "اضطراب الشخصية المتعددة") ليست تماماً تكيّفاً تلقائياً للنفس ناجم عن صدمات نفسية، بل هي أقرب إلى نتيجة توقعات المريض لما ينبغي عليه التصرف حياله في واقعه.
ويدفعنا إلى هذا الاعتقاد جزئياً ما يوصي به المعالجون، والتصورات الخيالية للمرضى عن الحالة المرضية. استكمالاً لهذه الصورة، يعاني الأشخاص المصابون بحالات الاضطراب النفسي أيضاً من اضطرابات الشخصية، وعدم الاستقرار العاطفي. كما أنهم أكثر عرضة للتأثر بالإيحاء والوهم.
عند فقدانها الذاكرة، كانت جيكوبز تدرس علم النفس. ربما يكون ذلك قد عرّضها لأوهام متعلقة بالصدمة النفسية، وكيفية عمل الذاكرة. وتقول، في مقابلة مع صحيفة "صنداي تايمز"إن لديها "تبجيل عظيم" للعقل. وتضيف: "أعلم أن طريقتي في التعامل مع تلك الصدمة تسمح لعقلي بالانقسام".
يبدو من المؤكد أن قوة توقعات المريض تقف وراء حالة أخرى ملفتة للنظر. فبعد حادث سيارة، أوردت مريضة أنها كانت تفقد ذاكرتها بالكامل كل ليلة. إنه من الأعراض التي ليس لها أي تفسير فسيولوجي، ولكن هذا بالضبط ما حصل للسيدة التي قامت بدور الممثلة "درو باريمور"، بعد تعرضها لحادث أثناء تصوير فيلم "أول 50 موعد غرام"، الذي عرض لأول مرة عام 2004.
الأمر الحاسم هنا، أنه عندما أراد الباحثون الإيقاع بالمريضة باختبارها عن أمرٍ ظنّت أنه حصل في نفس اليوم لكنه حصل في الواقع في اليوم السابق، كان أداؤها كما هو، ولم يتغير.
http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2015/04/150429_vert_fut_the_p...
- قرأت 2343 مرة